الضعوف والهوامير في 2030

ترى حين يحل عام 2030 كيف سيكون حال طرفي معادلة رؤية المملكة: الضعوف والهوامير؟!

الحكم قبل أن يحل ذلك العام صعب، وفيه استباق لتطبيقات الرؤية نفسها التي قلت، فور سماعي لحديث الأمير محمد بن سلمان للعربية، إنها تعدنا بمملكة عظيمة اقتصاديا وتكنولوجيا إذا طبق فعلا كلام الأمير الواثق والمتحمس لبناء مستقبل البلد وأهله. ما نعرفه قطعا هو أن (الهوامير) في كل بلد هم دائما الأقوى والأكثر نفوذا وقدرة على تعطيل القرارات التي تحد من غلواء امتيازاتهم وثرواتهم. أما (الضعوف) فهم دائما ينتظرون ويرجون رحمة الله وقوة الدولة ووقوفها في صفهم وإنصافهم. وبما أن الحكومات حبالها طويلة وبيروقراطيتها راسخة فإن من ينتصر في العادة، مما نراه ونشهد عليه، هم المتنفذون الذين يجيدون، متضامنين، اللعب على الحبال الطويلة ويتقنون فن تعظيم فوائدهم وتراكم ثرواتهم.

لذلك من الواضح جدا أن رؤية المملكة 2030 لن يكتب لها النجاح إلا بشرط أن تعني الدولة ما تقول في تنفيذ برامج الدعم للسلع والخدمات والاحتياجات الضرورية بحيث تكون لصالح الضعفاء على حساب الأثرياء، إذ لو أنك في برامج الرؤية حققت كل ما تطمح إليه دون تحقيق معيشة (مرتاحة) للسواد الأعظم من المواطنين فإنك لا تعتبر قد حققت شيئا. ولذلك، أيضا، كان المفصل الذي حظي بتداول وترحيب أكبر من مفاصل حديث الأمير محمد بن سلمان هو ذلك المتعلق بذهاب 70 % من فوائد الدعم الحكومي إلى قصور وجيوب الأثرياء الذين يملكون أكثر في كل شيء ويستهلكون أكثر من كل شيء؛ لأن ما يملكونه يلتهم الكهرباء والماء والبنزين فضلا عن التهامهم للبزنس واحتكارهم للفرص ومنافذ المعيشة الرحبة بكل صورها.

من هنا أرجو ألا نتصور ولو للحظة واحدة أن (الهوامير) سيضحون بامتيازات الدعم التي كانوا يتلقونها فيما سبق ويستسلمون لنوايا وخطط الرؤية الجديدة بتحميلهم عبء استهلاكهم الزائد والفائض للسلع والخدمات، بل هم سيقاومون هذه الخطط بكل ما أوتوا من قوة ونفوذ لكي تبقى حبرا على ورق كما فعلوا في مرات سابقة وعطلوا أو أخروا كثيرا من القرارات التي لا تروق لهم ولا تنسجم مع حالة (البلع) التي استمرأوها لعقود.

والمواطن، الذي أعجبته صراحة الأمير وشفافيته البالغة في هذا الأمر، لا يملك سوى أن يضع ثقته في قوة وجدية الدولة في تنفيذ قراراتها لتكون النتيجة حين نصل إلى عام 2030 عادلة ومحققة للرضا المأمول.

عكاظ



من صحيفة انحاء