هل هنالك فن سعودي ?؟ معاصر

تعتبر الفنون التشكيلية في المملكة العربية السعودية ضمنياً من الفنون المعاصرة التي لا يتجاوز عمرها المائة عام ، حتى وأن كانت الممارسات في كثير من الأحيان لدى الفنانين لا تزال* تحاكي مدارس واتجاهات عصر النهضة ، وحيث يصنف المؤرخون في مجال الفنون البصرية الفنون التي نشأت في نهاية القرن العشرين بالفنون المعاصرة او فنون ما بعد الحداثه وهي تلك الفنون التي نشأت وبداء تأريخُها مع بداية* الستينيات ميلادي ، ولكون حديثي عن الفنون المعاصرة في المملكة فسأختصر كثيراً من الأحداث والمقدمات* وأبداء مباشرةً في موضوعي ، فالفنون السعودية لم تكن معروفة كفنون إلا مع بداية الستينيات والكل يعلم جيداً مسببات هذا التأخر وتاريخه من كافة النواحي ، ويرجع الفضل بعد الله في بداية الاهتمام بالفنون إلى وزارة المعارف “وزارة التعليم ” في وقتنا الراهن.

وبالعودة إلى معنى المعاصرة* ” Contemporary” باختصار شديد هي من العصر والزمن الحاضر والوقت الراهن ، حيث تختلف المعاصرة في بداية القرن العشرين عن المعاصرة في نهايته ، ويتحكم في ذلك اختلاف المعارف والثقافات من وقت إلى أخر.

الا أن الفنان السعودي تأقلم سريعاً مع متغيرات كثيرة في مجال الفنون البصرية المعاصرة حيث رسم الفنان السعودي الواقعية وتدرج في الاساليب الى أن رسم بأسلوب معاصر والتكعيبية كذلك والتجريدية وغيرها من الاتجاهات الفنية ، ويؤكد ذلك ما نلمسه من تغير في توجهات وتكنيك كثير من الفنانين السعوديين في تلك الاتجاهات ، والتطور في الأسلوب الفني والتعبيري لدى كثير منهم ، و مواكبتهم لروح العصر والنهضة التي يمر بها الفن العالمي مع محافظتهم على روح الأصالة ، وكانت معظم تلك الاعمال محاكيه لفنون ما قبل الحداثة في اوروبا الا انه يعتبر فن معاصراً للفنان السعودي ، كما برزت في بداية الثمانينيات توجهات جديدة ومعاصرة لدى مجموعة من الفنانين السعوديين في كثير من أعمالهم، رغم عدم معرفة بعض منهم بتصنيف تلك الفنون و بهذه الاتجاهات ومسمياتها عالميّاً ، وهذه هي المعاصرة بعينها* ، حيث يطور الفنان اتجاهات وأفكار وحلول مبتكرة تتماشى مع روح العصر وتقنياته نتيجة ممارساته وتجاربه المستمرة والمتكررة ، ويؤكد ذلك ظهور الاتجاه المفاهيمي لدى مجموعة من الفنانين السعوديين منذ بداية الثمانينيات في اعمالهم* والتي ميزتهم عن غيرهم ، كما سلطت الضوء على أعمالهم ، حيث حققت تلك الأعمال رواجً جيداً سواء في المعارض المحلية أو الدولية ، ومن أهم هذه الاتجاهات المعاصرة التي ظهرت بعد المفاهيمية لدى الفنان السعودي ، فن البيئة ، وفن المينيمال* وفن التجهيز في الفراغ وفن الفيديو ، وفن الاداء ، وفن الحدث وغيرها ، حيث يعد ظهور هذه الاتجاهات الفنية لدى الفنان السعودي المعاصر نتيجة تأثره* واحتكاكه بفنانين غربيين كان لهم الأثر في مسايرته للفن العالمي والذي كان يمر بمرحلة يمكن ان نسميها التمرد أو ردة الفعل الطبيعية على ما بعد الحداثة* والتشبع الذي مرت به الفنون البصرية من الأساليب التقليدية ، وقد شكلت ردة الفعل هذه مدخلاً تعبيريًا جديدًا للفنان السعودي المعاصر، كما أن التطور المطرد في كافة أشكال الحياة كان له دور مهم وبارز ، سواء في التقنيات أو* وسائل الاتصال” السوشل ميديا ” أو حتى في إثراء معلومات وثقافة الفنان البصرية ، والكثير غيرها مما يشهده العالم من تطور تقني وفني في شتى نواحي الحياة ، ساهم بشكل مباشر في ظهور هذه الاتجاهات الفنية المعاصرة لدى الفنان السعودي وجعلته يخرُجُ عن إطار اللوحة ليعبر بشكل معاصر وبأسلوب جديد عن فنه وإبداعاته ، كل ذلك كان له تأثير واضح على الفنان السعودي وممارساته التشكيلية بشكل عام ، سواء كان هذا التأثير بالسلب أو بالإيجاب ..!

ومع تخوف كثيراً من الفنانين من هذه الاساليب ووقوفهم موقف الحياد من هذه الاتجاهات ، أرى من المهم لنا جميعاً كفنانين ومن الأولى أن نقف وقفة تأمل وتخصص ، تجاه هذه الأساليب والاتجاهات الفنية التي تلامس قضايا ومشاعر إنسانية شتى ، وتواكب النهضة والتطور والعصر الحاضر ، ما يجعل المتذوقين لهذه الأعمال يعيدون النظر مرارًا وتكرارًا لفهم الأهداف والأفكار والقيم الفنية في هذه الاساليب والتقنيات الفنية المعاصر في الفنون البصرية ، ما يُوجِبُ علينا أن لا نسمح إلا لمن كان أهل لأن يمارس هذه الاساليب … ليس بالمنع ؟ …* انما* بتثقيف انفسنا أولاً وتقديم اعمال فنية راقية في هذه الأساليب ثانياً ، وهذا يقطع الطريق على من يحاول الانتساب إلى هذه الاتجاهات من باب التجريب والمغامرة* فالفن السعودي كله معاصر القديم والحديث ، والفنان المتمكن سيقدم أعمال تمثل الفنان الحقيقي المتخصص ، سواء على اللوحات المسطحة أو في الفضاء ، فالمعاصرة في الفن عالمين دمجت الفنون كافة حتى أضحى الفن … هو كافة اشكال الحياة ، والفنون المعاصرة لا تقتصر على فن معين بحد ذاته فالمعاصرة في الخزف وفي الموسيقى والهولوجرام والتصوير والنحت …. الخ ، وفي كل اشكال الفنون وقد يجتمع في عمل واحد كل ما سبق.



من صحيفة انحاء