#تيار_25_ابريل

تنطلق الرؤية المستقبلية للمملكة العربية السعودية يوم الأثنين ?? ابريل ????م. ولذا إخترنا العنوان وأطلقنا “وسم” (هاشتاق) بنفس الإسم، #تيار_??_ابريل لرصد الأراء حول برنامج التحوّل الوطني، ما له وما عليه، لإدراكنا أن الرؤية التي ينتظرها ليس الشعب السعودي فحسب، بل العالم أجمع، سيختلف الناس حولها في مراحل متعددة، وقد يكون هذا واحد من مميزاتها. إذ أنها تحدد ملامح الحياة المستقبلية للمجتمع السعودي وما تنطوي عليه من تعاملات وعلاقات في الداخل والخارج. سينقسم الناس حول هذه الرؤية إلى تيارات وأفرقاء وأحزاب مع أو ضد أو بين بين، لكننا نرى أن في مثل هذه الرؤية سيكون المع أو الضد متغيراً من وقت إلى أخر، ومن جزء من الرؤية إلى أخرى، ومن مرحلة إلى مرحلة، ومن النظرية إلى التطبيق، ولهذا أخترنا مصطلح تيار. نأمل بحول الله وقوته، ونتمنى، أن يتحول هذا التيار خلال سنوات معدودة إلى جيل ?? يناير الذي يؤمن بالرؤية ويطبقها ويسوّقها ويساعد على نجاحها، لتتبؤ السعودية وشعبها المكانة اللائقة المنشودة.

تقول بلومبيرغ التي كان لها السبق في الجلوس مع الأمير الشاب محمد بن سلمان وإستطلاع الرؤية المستقبلية “لقد تفاجأ الكثير من السعوديين، الذين اعتادوا على رؤية مقاليد السلطة تُدار بعناية من قِبل أحفاد الملك المؤسِس للمملكة، من هيمنة الأمير محمد السريعة كالبرق على السلطة العام الماضي.” عفواً، هل قالت الصحيفة “هيمنة”؟ نعم، فذلك هو التوصيف الدقيق، ولا يجرؤ أحد على ذكر تلك الهيمنة المتسارعة سوى القلة، ويتم ذكرها همساً في مجالس خاصة جداً. فالتسارع في بروز الأمير الشاب خلال عام واحد وتوليه ملفات إستراتيجية عظمى تعني بالسلام والتنمية، وتعني بالحرب والدفاع في ذات الوقت، هو جمع للمتضادات في نظر الكثير. كما أن الجمع بين عضوية الحكم، ومفهوم الحوكمة، وبيروقراطية الحكومة، هو أمر بالغ الصعوبة والدقة والتعقيد. ولذا، فإن تيار ?? ابريل سيتغير من تيار تشكيك، إلى تيار تأكيد، إلى تيار تفاؤل، إلى تيار نقد.

يمكننا هنا تحديد السبب الأوحد خلف التفاؤل والتشاؤم في معظم المجتمع السعودي، ألا وهو “الخوف”. هذا الوحش الذي يتسلط على البشر، مرده في المجتمع السعودي فيما يخص الرؤية الإستراتيجية *أمرين: (?) المجهول؛ (?) تكرار التجارب الفاشلة السابقة. فالخوف طبيعة بشرية، لكنه يتعاظم في المجتمع السعودي بشكل لافت لأسباب دينية ثقافية ومجتمعية، لا مجال لذكرها. أما المجهول، فالناس أعداء ما جهلوا. كما أن هذا المجهول ينبع من عدم المعرفة إلى أين، وكيف. وبالرغم من أن ذلك سيكون معلوماً بمجرد إنطلاق الرؤية المستقبلية في ?? ابريل، أو هكذا نظن، إلا أن زوال الخوف لا يكون إلا بملامسة النتائج. نبقى أمام الأمر الثاني، وهو تكرار التجارب الفاشلة، وهذا مايسيطر على ذهن البعض في المجتمع السعودي. فلطالما شكّل الماضي مغناطيساً لجذب الفرد السعودي بحكم التنشئة والثقافة المصاحبة. كما أن ثلاثة نماذج لا تساعد على التخلص من الماضي: (?) الرؤية المستقبلية للسعودية التي سبق أن تم إطلاقها في العام ????م، وباءت بالفشل أو تلاشت؛ (?) التجارب الفاشلة لوزير الإقتصاد والتخطيط الذي يقال أنه عراب هذه الرؤية؛ (?) النظرة المتشككة في دراسات وأراء ومشاريع الشركات الإستشارية العالمية من أمثال “ماكينزي”.

لكن، ولابد من لكن. الرؤية المستقبلية للسعودية أكبر وأعظم وأوسع وأخطر من أن يضعها الأمير الشاب “المهيمن بتسارع” في يد حفنة من الفاشلين أفراداً أو مجموعات، لأن الفشل فيها أو جزء منها هو فشل له هو الذي أخذ على عاتقه وضع تصوّر للمستقبل. فهناك أربعة شواهد يمكن الإستدلال بها: (?) الأمير الشاب من العائلة المالكة وحبه لعائلته ونجاحها وإستمرارها يشكل هاجساً يقلق صحوه ويقض مضجعه، أو هكذا نظن؛ (?) يأتي الأمير الشاب من جيل الـ “Y” (????-????) وهو جيل مختلف ليس في التفكير فحسب، بل في أسلوب التفكير والتنفيذ. تذكر بلومبيرغ أن شيئين أثرا في شخصية الأمير الشاب: التكنولوجيا والعائلة المالكة. كان جيله أول من استخدم شبكة الإنترنت، وأول من لعب ألعاب الفيديو، وأول من حصل على معلوماته من الشاشات. ويقول الأمير: “نحن نفكر بطريقة مختلفة للغاية، حتى أحلامنا مختلفة.” وهذا ما يؤكده مارك مكرندل في كتابه الشهير عن فهم الأجيال ( The ABC of XYZ)؛ (?) أن شخصاً يقرأ بعناية لـ صن تزو، وونستون تشرشل، وستي? جوبز، وبيل غيتس، ومارك زوكربيرج، لا شك أنه يجمع بين الفكر الإستراتيجي والعلمي والتقني والإبداعي والمستقبلي؛ (?) أن الأمير الشاب قد أحاط نفسه بخبراء في مجالات عديدة من أبناء الوطن منهم: محمد آلِ الشيخ عبقري النقد والمال، وعصام بن سعيد عبقري الأنظمة والقوانين. وبناء عليه، فإن الأمير الشاب لا يركن إلى رأي أحادي أو يسلم الدفة ويستقي، فهو “العراب” لهذه الرؤية، له غنمها وعليه مغرمها وهو يدرك ذلك حق الإدراك.

وإذا إلتقطنا جملة من حديث الأمير الشاب لبلومبيرغ حول رؤيته للمجتمع السعودي، يمكن من خلالها تبيان كيف يفكر، إذ يقول: “أنه قد حان الوقت لنعطي الأقلية أقل والأكثرية أكثر؛ فأعضاء العائلة المالكة لديهم امتيازاتهم والآن عليهم القيام بواجبهم.“ هذه الجملة تترجم الكثير من المشتركات بين فكر الأمير وما يتهامس به الكثير تلميحاً لا تصريحاً في الغرف المغلقة. كما أن البطالة والبيروقراطية وأرامكوا والمرأة والإصلاح مواضيع مشتبكة ومشتركة في أمر واحد، من وجهة نظرنا، هو طريقته الخاصة في التفكير، وما رشح حتى الآن يبشر بالخير، وسيتعزز ذلك بعد أن تنطلق الرؤية السعودية في ?? إبريل، عندها سيتمكن الجميع من الحكم ولو مبدئياً على التوجه السعودي. وكل الأمآل والتوقعات أن تكون الرؤية واضحة ومحددة وذات مضمون عميق لا يضيع مع بهرجة الألوان والمصطلحات والتعميمات.

نتوقع أن تكون الرؤية المستقبلية ذات طابع إقتصادي، وهذا أمر لا بأس به، فالحق سبحانه وتعالى يقول “أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، مما يعني تقديم الإقتصاد على الأمن. لكن جزء من المخاوف هي في ثلاثة أمور: (?) المواطن، الفرد، الإنسان، السعودي، هو كتلة بشرية تتعدى الريال والدولار، فتلك وسائل، لكنه يفكر ويأمل في حياة متناغمة تؤمن بـ “الصيرورة”، أي كيف يصير في الحياة، ولا يكتفي بـ “السيرورة”، وهو كيف يسير في الحياة. فالأكل والشرب حاجات يتساوى فيها البشر مع كثير من المخلوقات، لكن البشر/ الإنسان له مطالب وحاجات مجردة تتجلى في الكرامة والعدل والحريّة وقضايا أخرى كثيرة، فهل تشتمل الرؤية الإستراتيجية على تحقيق ذلك؟ (?) نوعية الإصلاحات، وهل ستشمل إصلاحات سياسية تؤدي إلى تمكين الشعب من تحمل مسئوليته في المشاركة السياسية ولو جزئياً والمساهمة في الإدارة، بمعنى أوضح، هل سنشهد حل لمجلس الشورى الحالي، وتغيير آلية المجلس، ليكون منبر للمواطن يسن القوانين والتشريعات ويراقب الأداء ويساءل ويستجوب المسئولين؟ وهل سنسمع عن إجراء إنتخابات وإنشاء إتحادات عمالية ونقابات؟ (?) السياسة الخارجية، تشكل قلقاً وتحتل مساحة من التفكير. ففي ما يبدو حتى الآن أن السياسة الخارجية تنحو نحو الحرب والقتال والدخول في تحالفات سياسية وعسكرية وسباق للتسلح، وهذه المدرسة من السياسة محفوفة بالمخاطر. فالسياسة الخارجية والعلاقات الدولية أما أن تكون عاملاً مساعداً للسياسة الداخلية، وأما أن تكون متضادة معها، بمعنى أنها تأكل زرع وحصاد الداخل.

أخيراً، يمكن الجزم بأن الثقة التي يحملها الشعب السعودي لهذه العائلة المالكة المباركة، هي صمام الأمان الذي حفظ ويحفظ هذه البلاد، بعد حفظ الله وتوفيقه. فأن يتولى الأمر، أمير شاب فطن من هذه العائلة “إعتاد على مقاومة الأعداء البيروقراطيين، وأمير سبق أن “أُتهم بالرغبة في الإستيلاء على السلطة أمام والده والملك عبدالله”، كما تقول بلومبيرغ، وعراب لرؤية إستراتيجية سعودية للمستقبل ويؤمن*“إن الفرص التي لدينا أكبر بكثير من المشاكل“، فذلك أمر يبشر بالخير. ختاماً، بلدنا بخير ولله الحمد، تحتاج كثير من التفاؤل، وكثير من العلم، وكثير من العمل، وكثير من التغيير، وهذا بإذن الله وحوله وقوته هو الجيل القادم أو تيار ?? ابريل. حفظ الله الوطن.



كاتب، ومحلل إستراتيجي

*



من صحيفة انحاء