طرابلس الليبية.. معركة شرعنة الحكومة والحكومة المضادة

يكافح رئيس حكومة التوافق الوطني الليبية، فايز السراج، لتوحيد راية كافة قبائل أبناء الشعب الليبي تحت لواء حكومته الجديدة التوافقية، وذلك لمحاولة العبور بالبلاد من المآزق والكوارث الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تعيشها على مدار أكثر من 5 أعوام متصلة، منذ اندلاع أحداث احتجاجات 17 فبراير 2011 التي أطاحت بنظام معمر القذافي من سدة الحكم، لنيل الثقة وتصبح حكومته هي المسئول الرسمي والوحيد في البلاد والمتحدث باسم ليبيا وشعبها.

وبالرغم من أن حكومة الوفاق الوطني الليبية حظيت بدعم داخلي ملحوظ ومهم بإعلان بلديات عشر مدن ساحلية غربا تأييدها، أملا في أن تتمكن هذه الحكومة من إنهاء النزاع المسلح ووقف التدهور الاقتصادي، إلا أنه لازال أمام السراج وأعضاء حكومته مشوارا طويلا يمتد لألاف الأميال وعشرات المدن، المتدة من طرابلس، وحتى الحدود المصرية بطول السواحل الليبية شرقًا، والتي من الضروري أن يحصل السراج على تأييدها ودعمها في مواجهة سلطة الحكومة، غير المعترف بها دوليا، التي تسيطر على هذه المناطق .

وعلى الرغم من الخطورة التي تشكلها الحكومة الغير معترف بها في شرق ليبيا، والتي تتخذ من طبرق مقرًا لحكمها، إلا أن خروج المدن الممتدة من طرابلس وحتى الحدود التونسية، على السواحل الليبية غربًا، يشكل ضربة لهذه السلطة التي تفقد بذلك السيطرة على الجزء الأكبر من الغرب الليبي، في وقت بدأت تشهد فيه طرابلس تحركات مدنية مناهضة لها.

ولم تمنع التفجيرات وإطلاق نار كثيف بالعاصمة ، المجلس الرئاسي الليبي من الوصول إلى طرابلس بحرا دون إراقة دماء، على متن سفينة ليبية وليس فرقاطة إيطالية، الأربعاء الماضي، وعقد السراج وأعضاء حكومته اجتماعات في القاعدة البحرية أبو ستة بالعاصمة طرابلس، لمدة يومين، التقى خلالها المجلس الرئاسي ببعض أعضاء مجلس النواب في طرابلس وأعضاء المجلس الأعلى للدولة، وفي أول ظهور علني له في شوارع العاصمة منذ وصوله، زار رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، ميدان الشهداء، ظهر يوم أمس، وتبادل الأحاديث مع عدد من عناصر الشرطة والمواطنين.

من جانبه رحب* مجلس الأمن بانتقال المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، فيما أبدى اتحاد المغرب العربي دعمه الكامل لحكومة الوفاق الوطني وأعلنت إيطاليا استعدادها لمساعدة حكومة طرابلس.

وكانت حكومة الإنقاذ بقيادة خليفة الغويل حاولت منع السراج من دخول العاصمة الليبية جوا، إثر إغلاق المجال الجوي لمطاري معيتيقة في طرابلس ومصراته، يومي الأحد والإثنين الماضيين، وفرض حالة الطوارئ على العاصمة بدعم من لواء الصمود وغرفة عمليات ثوار ليبيا، الذين نشروا آلياتهم في العاصمة طرابلس دون تدخل من الكتائب الداعمة لحكومة السراج، فيما التزمت قيادة الأركان الليبية الموالية للمؤتمر الوطني الصمت.

وقال رئيس الوزراء بالحكومة الموازية في طرابلس، خليفة الغويل، في بيان، في وقت متأخر الثلاثاء الماضي، إن المجال الجوي أغلق “حفاظًا على أرواح الناس بسبب ممارسات غير لائقة من أعضاء المجلس الرئاسي”.

وتعيش العاصمة الليبية جوا من التوتر ، بعد أن تمكن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني من دخول طرابلس بحرا دون أن تتمكن حكومة الإنقاذ وأفرعها الأمنية والعسكرية المنتشرة في المدينة من منعهم من الوصول إليها، أو حتى اعتقال أعضائها كما هدد بذلك الغويل ، بالرغم من وقوع اشتباكات في العاصمة أدت إلى مقتل أحد أفراد كتيبة النواصي التي أعلنت ولاءها لحكومة السراج.

وعلى الرغم من أن السراج لم يتسلم مقر الحكومة بعد، إلا أن بعض القوى السياسية الليبية تعتبر سيطرة حكومة الوفاق على مقاليد الحكم في البلاد هي مسألة وقت ، خاصة وأن معظم الكتائب العسكرية والأمنية تدعم حكومة الوفاق بقيادة السراج، وأنه في حالة فشل المفاوضات قد تلجأ إلى حسم الأمر عسكريا، والقيام بانقلاب عسكري يتم خلاله اعتقال خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ، ونوري بوسهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام، البرلمان المنتهية ولايته، فيما طالب رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح وعدد من النواب وأعيان ومشايخ وعمداء البلديات في شرق ليبيا بيانا، أمس، حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج حصولها على الثقة لتباشر مهامها.

من جانبها، ردت مؤسسة النفط بطرابلس ببيان تؤكد عملها مع حكومة الوفاق لتنسيق مبيعات النفط المستقبلية ونسيان فترة الانقسامات والتناحرات وهو ما أعلنه حرس المنشآت النفطية المسيطر على مواقع النفط بوسط البلاد في بيان رسمي له قبل يومين.