مدينة الأسوار للمثقفين

عندما بدأت الإجازة الأخيرة وحشد الناس كل قواهم للذهاب إلى البحرين ودبي، سألت نفسي كيف يمكن لنا أن نوقف هذه الهجرة المالية وهذا المورد المالي السياحي الضخم، وفكرت كثيرا ما الذي توفره دبي والمنامة غير الحياة الطبيعية لهولاء الناس الذين تمتلئ بهم دور السنيما والمقاهي المفتوحة والشواطئ الهادئة!

وجدت بعد تحليل ونظر أن الناس تكره حياة الحواجز والمنع من كل شيء للعائلة رغم أن العوائل تمتلك الترفيه في بيوتها ومناسباتها الخاصة، وجدت أنهم يريدون أن يكونوا مع بعضهم في نشاطات بريئة لهم ولأطفالهم وحفلات غنائية تمثل لهم متنزها من ضغوط الحياة الرتيبة.

ثم حلمت بحلم مضحك مبكي! ماذا لو تم إنشاء مدينة للترفيه ومحبي الحياة وتم توفير قاعات السينما ومتاحف ومكتبات ومقاهي عالمية ومسارح للفنون ومعارض للفنون التشكيلية؛ ويوضع عليها رسوم للدخول ومن لا يحب هذه الأنشطة لا تؤذيه لأنها في مكان ناءٍ وبعيد عن حياته العامة والخاصة.

تخيلت لو تم تخصيص أحياء للإسكان في هذه المدينة وكم سيكون سعر المتر فيها وهل سيسكنها الإعلاميون وكتاب الأعمدة والنخب فقط! أم أننا سنفاجأ بنفاذ الأراضي قبل تقديم الطلبات حتى! وهل من يعارضون مثل هذه الأنشطة سيزاحمونهم على بواباتها! وهل سيفعلون بها كما فعلوا بمقاعد التعليم للبنات حيث كانوا يرفضونها ثم أصبحوا يتوسطون لبناتهم للحصول على مقعد جامعي!

إن هذه المدينة ستكف شر الكتاب والإعلاميين ومغردي تويتر من آلاف المطالبات في الصحف والتغريدات عن قضايا هامشية كقيادة المرأة والسينما ومسارح الفنون والمتاحف، وسيتفرغ الجميع للكتابة عن مواضيع مهمة فعلا!

تخيلوا لو نعطيهم مدينة مماثلة ويمارسون حياتهم الطبيعية كسائر البشرية ونبقى نحن في مدننا –*ونفتك منهم – فقد أزعجونا وأهدروا الأموال في السفر والنفقة على هذه التفاصيل، على أن لا نسمح للمعارضين لهذه الأفكار بدخول هذه المدينة (المضحكة)! ستكون بمثابة المصحة النفسية لهم!