حسن الحارثي.. خسرت الأرض إنساناً
قلة من يمكن وصفهم بالنبلاء، حسن الحارثي أحدهم.
عملنا سوياً، كبريتاً وناراً كنا، كلانا كان ينفجر في وجه الآخر كل يوم، بالصوت والكتابة، لم يمر يوم دون أن نصطرع، لم يتفوق أحدنا على الآخر لأننا كنا متفقين على ما نعمل لأجله، كل منا كان يحمل جنونه الخاص، هو كان يتقدم بإنسانيته وحسه الشاهق، وكنت أصطدم به حماسة وصفاقة، وربما عناداً أحياناً، ودائماً كان “طراد” الضحية الذي نلجأ إليه، لا لإدراكنا أنه سيعيد الماء إلى ينابيعه، بل لأنه من ذات الينبوع الذي انفجرنا عنه ثلاثتنا.. وكان “بسام” رابعنا، رجل الظل الذي يضحك لأنه يعلم جيداً كم نتفق.
ما أدركته لاحقاً، أن حسن يعمل ويكتب ويضحك ويسخر بالطريقة ذاتها، لم يكن يسعى إلى حلم لأنه يحقق أحلامه كل يوم، وكل لحظة، لم يشأ أن يكون أسطورة ولا صيّر نفسه رمزاً، أراد فقط أن يكون ما أراده، حراً بعيداً عن أي صراعٍ إلا الإنسان، وهو صراع كان كفيلاً أن يجعل منه إنساناً شاهقاً بامتياز.
شاءت الأقدار ألا يستمر هذا العمل طويلاً بيننا لأنني ارتحلت، وعرفت أنني خسرتُ شريك عمل رائعاً وربحتُ- إلى الأبد- صديقاً نبيلاً لم ينقطع بيننا الود حتى أول يوم له في عالمه السرمديّ ورحيله، حيث أعرف أنه سيكون كما كان جميلاً ونبيلاً، وربما يوماً ما سأحكي عما عرفت من نبله.
- ما الذي يمكن أن يُقال عن حسن بعد رحيله؟ لقد خسرت الأرضُ إنساناً.
من صحيفة انحاء
|