يوسف الشاهد.. رئيس حكومة المستقبل المجهول في تونس

في خطابه الذي ألقاه يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية الجديد، أمام أعضاء البرلمان الذي منح حكومته ثقته،اعتمد على “المصارحة والمكاشفة”،رسما معًا صورة قاتمة للواقع الراهن ومستقبل البلاد وأظهرت أن شبح التسيب والانهيار بدأ يُخيم على البلاد التي اقتربت كثيرا من حافة الهاوية، مشيرًا إلى أن الارتفاع الخطير في المديونية الخارجية التونسية وتضاعف كتل الوراتب بالوظائف العمومية مع تراجع الإنتاج والإنتاجية تراجع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إذا استمرت دون تحسن في الاقتصاد فإن الحكومة ستكون الدولة مجبرة على تسريح الآلاف من الموظفين وإيقاف الاستثمار في التنمية والبنية التحتية بصدد اتباع سياسة التقشف إضطرارًا عن رغبتها وعلى الرغم من كل ذلك لم يخفي الشاهد طموحه وأماله في محاولة حكومته تعديل أوضاع البلاد.

على الرغم من الزخم السياسي الذي شهده الشارع التونسي في الأسابيع الثلاثة الماضية وكذلك مستخدمي مواقع التاوصل الاجتماعي في نطاق الجمهورية التونسية الإلكتروني، والانتقادات الكثيرة التي طالت قرار تكليف الرئيس التونسي قائد باجي السبسي، القيادي بحزب “نداء تونس” يوسف الشاهد، بتشكيل حكومة وحدة وطنية خلفًا لحكومة الحبيب الصيد التي سحب البرلمان منها الثقة ومنحها لحكومة الشاهد التي تضم لأول مرة إسلاميين ويساريين ونقابيين ومستقلين جنبا إلى جنب، أعلن عنها السبت الموافق 20 أغسطس 2016، وتضم 26 وزيرا و14 كاتب (وزير) دولة، بعدد 167 نائبا من أصل 217 نائبا في البرلمان

ويعد الشاهد، البالغ من العمر 41 عاما، أصغر رئيس حكومة سنا منذ أن نالت تونس استقلالها عام 1956، وعلى ارغم ما أشيع عن صلة القرابة التي تربط رئيس الحكومة المكلف بالرئيس التونسي، ابن أخت الدكتور الطبيب معز بلخوجة زوج نجلة السبسي –بحسب موقع الإخبارية التونسي-، إلا أن رئيس الحكومة الجديد له باع طويل في العمل العام إذ عمل 2000 – 2005، كخبير دولي في السياسات الزراعية لدى عدد من المنظمات الزراعية الدولية، كالاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وعمل أستاذا مساعدا بجامعة “رين 1” بفرنسا 2002 -2003، والتحق بالمعهد الأعلى الزراعي بفرنسا 2003 – 2009 واختص منذ 2003 بمتابعة السياسات الزراعية في كل من تونس والمغرب وتولى وضع وتخطيط سياسات التعاون في ميدان الأمن الغذائي وتطوير الشراكة الزراعية بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرًا تولى حقيبة ثانوية في الوزارة السابقة وشغل منصب قيادي في حزب نداء تونس ذي التوجه العلماني الذي أسسه السبسي عام 2012.

وولد حفيد، من جهة الأم، المناضلة الراحلة راضية الحداد، أول رئيسة للاتحاد التونسي للمراة، في 18 سبتمبرعام 1975، وحصل على شهادة مهندس في الاقتصاد الزراعي من المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس عام 1998ونال درجة الماجستير من الولايات المتحدة في الاقتصاد الزراعي ودرجة الدكتوراه في مجال العلوم الزراعية.

وردًا على الانتقادات التي طالت رئيس الحكومة التونسية الجديد على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي بنيت أغلبها على شائعات غير مؤكدة عن وجود علاقة قرابة بين السبسي والشاهد، في وقت تتهم فيه المعارضة الرئيس التونسي بالسعي إلى توريث الحكم لنجله حافظ، القيادي بحزب “نداء تونس”، كان أبرز هذه الحملات الوسم “هاشتاج” نسيبك_في_دارك الذي تفاعل معه المستخدمون وشهد ألاف التغريدات، قال الشاهد للصحفيين عقب تكليفه إنه ليس له أي علاقة عائلية أو مصاهرة بالرئيس.

وكانت أحزاب سياسية، على رأسها حركة النهضة، قد أعلنت موافقتها على مقترح الرئيس التونسي بترشيح الشاهد لرئاسة الحكومة، ويشكل نداء تونس وحزب حركة النهضة الإسلامية تحالفا حاكما يسيطر على معظم مقاعد البرلمان التونسي، وكانت حكومة الصيد واجهت انتقادات حادة داخل تونس بسبب ما قيل إنه فشل في القضاء على الأزمة الاقتصادية والبطالة، والحد من الهجمات المسلحة التي نفذها مسلحون جهاديون.

وكان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، كلف القيادي في نداء تونس يوسف الشاهد بتشكيل حكومة جديدة، وهو الذي شغل منصب وزير “الشؤون المحلية” في حكومة الحبيب الصيد التي سحب منها البرلمان الثقة، يوليو الماضي، وعهد إلى رئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومة “وحدة وطنية” لإخراج البلاد من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة.



المحتوى من صحيفة ماب