مياه ساخنة.. وزارة باردة
حمود أبو طالب
من أسوأ الأشياء التي تفعلها أي جهة خدماتية في هذا الوقت بالذات، أن تفاجئ الناس برفع فاتورة خدمتها ثم لا توضح لماذا وكيف جاءت الزيادة حتى لو كانت نسبتها طفيفة، فكيف لو بلغت هذه النسبة أضعافا مضاعفة تفوق الخيال، وفي عنصر أساسي لحياة الإنسان وكل الكائنات، «الماء» الذي لو توقف توقفت معه أنفاس البشر.
المجتمع السعودي لا حديث له هذه الأيام سوى فواتير المياه التي صدرت أخيرا بأرقام صادمة خلخلت قناعات الناس بأن ثمة منطقا وعدلا وموضوعية في قرارات بعض الجهات التي تقدم لهم الخدمات الحيوية، وتقديرا ومراعاة لظروف حياتهم وأوضاعهم المعيشية. ومع كل هذا الضجيج الذي أحدثته فواتير الماء فإن وزارة المياه وضعت الطين والعجين في أذنيها، وحين تحدث وزيرها ليته لم يتحدث؛ لأنه بدلا من توضيح حيثيات الزيادة وكيف احتسبت وماذا سيتم لتقليل خطرها على الناس فإنه راح ينظّر لهم بشكل اعتبروه استخفافا بهم، كاتهام السيفونات بهدر المياه والتلميح بأن فاتورة الماء لا تصل إلى فاتورة الجوال أو اقتراحه بحفر آبار في المنازل.
وحين ارتفع منسوب الغضب من الوزارة وأراد الوزير أن يتحدث فإنه تحدث في غير المكان الصحيح إذ لا نعرف لماذا اختار قناة المجد التي لا يتابعها سوى شريحة خاصة بدلا من الحديث لإحدى قنوات التلفزيون الرسمي، ولا ندري لماذا اختار دعوة كتاب محددين للقائه كي ينقلوا عنه للمجتمع بدلا من عقد مؤتمر صحفي عام تحضره كل وسائل الإعلام ويتابعه المجتمع بأكمله. وفي كل الأحوال فإن ما ذكره في حديثه للقناة لا يزيد على كونه مزيدا من الاستفزاز حين يقول ضمن ما قال إن رفع سعر فاتورة الماء هدفه منع الإسراف والحد من الهدر، وهو خير من يعلم أن مزرعة ترفيهية واحدة قد تستهلك من ماء المواطنين ما تستهلكه ثلاث محافظات يوميا، وأن شبكات المياه المهترئة تهدر الماء أكثر من صنابير البيوت.
وعندما يكون المسؤول بهذا الشكل من التعامل مع المجتمع وعدم الشعور بمعاناته وعجزه عن تقديم تبرير منطقي لقراراته فإنه لا فائدة من النقاش معه، ليبقى الأمل قائما ومعلقا على صاحب القرار الأول في الوطن الذي يعرف الجميع أن المواطن همه الأول والأخير.
نقلا عن عكاظ .
|