من بائعة الزعفران إلى السعودة ?الوطن لغة?
إذا زرنا أي بلد في العالم فسنجد لغتهم “الأم” تستقبلنا ابتداءً من الأسواق الشعبية إلى المراكز التجارية الضخمة بكل حرص وفخر بلغتهم, بجانب تداول لغة أخرى من اجل السائح والسياحة, حتى انه في احدى المرات كنت في زيارة للمدينة الجميلة “برشلونه” التي تقع في المنطقة “الكتالونية” شمال اسبانيا, وفي سوقها الشعبي التاريخي المتخصص لبيع الخضار والفواكه وغيرها من المواد الغذائية المسمى بسوق”La Boqueria”, حدثتني هناك “بائعة الزعفران” بلغة انجليزية ركيكة, انهم فخورين جداً كونهم “كتالونيين” وانها وباقي البائعين في السوق يتعمدون الحديث باللغة “الكتالونية” مع السائحين من جميع دول العالم ودائماً ما تحرص على ترديد كلمات معينة ليحفظها السائح وتخبره معناها بالإنجليزية في صورة تبادل ثقافي جميل, فمن رأيها أن من يأتي إلى “برشلونة” يجب أن يعلم انها مدينة “كتالونية” حتى انني مازلت اذكر ان كلمة (Dame) بالكتالونية تعني (اعطني) بالعربية.
(لا يسكن المرء بلادا, بل يسكن لغة ذلك هو الوطن ولا شيء غيره) مقولة عظيمة, يبدو هذا ما تؤمن به “بائعة الزعفران”.
ومنذ سنوات ووزارة العمل بدأت على (سعودة) مهن البائعين في “سوق الخضار, المطاعم, تأنيث المحلات النسائية انتهاءً حتى الآن بقطاع محلات الاتصالات” , وإن كنا على رأي مخالف لتوجه وزارة العمل لهذه القطاعات عن غيرها, الا أن (سعودتها) اصبحت واقع نراه امامنا.
جميعنا نعلم أن شاغلين هذه المهن هم الأكثر احتكاكاً بالمجتمع و”الناشر الأول” للغة البلد, وفي السنوات الماضية*كنا بعيدين كل البعد عن هذه المهن, وأن نسبة الوافدين على ارض المملكة هي الثلث من*اجمالي عدد السكان, فإذا قامت وزارة العمل مشكورة ببادرة جميلة تحث مسمى “الوطن لغة” لكل من سعت لتوظيفهم في هذه المهن؛ تحثهم إلى تسهيل لغتنا العربية وترديد بعض الكلمات بلطف لمُرتادي هذه المحلات “لغير الناطقين بالعربية”, حتى لو سعى الموظف لمعرفة ترجمتها باللغة الإنجليزية لترسيخ المعنى اكثر, وكأنهم في حصة مدتها دقيقة لتدريس اللغات من غير ملل.
“يوم اللغة العربية” الذي بدأنا في الاحتفال به سنوياً وتنظيم الفعاليات له في المدارس وغيرها, وجب أن يكون هذا اليوم على لسان كل سعودي وسعودية في هذه المهن لتعزيز الفخر بلغتنا, من الأروع أن يكون على ارض الواقع افضل من الفعاليات على ورق.
|