التحالف الإسلامي والإعلام المحتقن في العلاقات المصرية السعودية

*

على الرغم من مناشدة أحمد بن عبد العزيز قطان، سفير خادم الحرمين الشريفين، بالقاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية، لوسائل الإعلام المصرية –خاصة- والعربية عامة بتحري الدقة فيما ينقلونه ويكتبونه من آراء وتحليلات سياسية عن العلاقات المصرية السعودية أو حتى عن العلاقات المصرية بأي دولة أخرى بشكل عام، مُشددًا خلال مؤتمر بمقر سفارة المملكة على ضفاف النيل، الخميس الماضي، على ضرورة عدم محاولة التعرض لتأويل المواقف والعلاقات بين البلدين بناء على اجتهادات وتأويلات شخصية، مؤكدًا على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين وتماثل الرؤى والمواقف بينهما أكثر من أي وقت مضى.

إلا أن ذلك لم يوقف بعض الوجوه الإعلامية المصرية البارزة من شن حملة على المملكة خاصة بعد إعلانها عن التحالف العسكري الإسلامي الذي جاء بمبادرة من المملكة ومقر عملياته الرئيسية بالرياض وانضمت له 35 دولة إسلامية .

وردت أقلام الرأي السعودية على ما وصفته بـ “الافتراءات المكذوبة” والتي تحدث بها الإعلامي المصري إبراهيم عيسى والكاتب محمد حسنين هيكل، والتي بحسب بعض الآراء لم تكن هذه الأفكار و”الاتهامات” – بوصف كُتاب رأي- بمستغربة عن عيسى وهيكل اللذيْن لم يكونا من أنصار مشروع القومية العربية أو وحدة الدول العربية.

وعبر دكتور فايز الشهري، في مقاله ” إلى «هيكل» و«إبراهيم عيسى»: السعوديون قادمون”، بجريدة الرياض السعودية، عن استنكاره مما وصفه بـ”الأباطيل” و”الأكاذيب” التي هاجم بها عيسى وهيكل الإعلان عن تدشين المملكة لتحالف عسكري إسلامي بقيادتها، لافتًا إلى أنه على الرغم من هذه الشوائب في طريق علاقات الشعبين السعودي والمصري إلا أن السعوديين قادمون»لخير مصر والعرب، بينما وصف صالح مطر الغامدي هذه الكلمات بـ”لأصوات النشاز”.

وأوضح الغامدي، في مقاله ” الناعقون لن يطفئوا التحالف الإسلامي!”، بصحيفة سبق السعودية، أن المملكة التي تحتضن الحرمين الشريفين، ومنظمة العالم الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، ومجلس التعاون الخليجي، كانت وستظل حصناً منيعاً للذود عن الدول الإسلامية وحمايتها من التفكك والتشرذم، لافتًا إلى أن التحالف الذي أُعلن يُعزز الوحدة الإسلامية، والعمل على وحدة الكلمة ووحدة الصف، ضد كل ما هو إرهاب، وضد كل من يموله، ويعبث بالأوطان، ويفكك مجتمعاتها.. تحالف من أجل عزة الإسلام والمسلمين، يحفظ للأمة كرامتها وأمنها.

وأشار عبدالرحمن الطريري، في مقاله “إبراهيم عيسى .. والإسلام المعتدل”، بجريدة عُكاظ السعودية، إلى أن من أغضبهم الإعلان عن التحالف الإسلامي هم أنفسهم الذين أنزعجوا من مؤتمر المعارضة السورية في الرياض ونجاح المملكة في توحيد أكبر طيف من المعارضة السورية والمدنية، لافتًا إلى أن من غضبوا أو حاولوا التشكيك من قدرة السعودية دبلوماسيا، على إنجاز مؤتمر المعارضة السورية الأنجح، أو القيام بتحالف عربي في اليمن وإسلامي للتصدي للإرهاب، هم على مستوى الدول روسيا وإيران بشكل خاص، والحدية في الصوت الإيراني تحديدا.

وأضاف الطريري إلى أن في مصر هناك أصوات مناهضة للسعودية فكرا ومضمونا، إما لميول يسارية بأفكار تكلست منذ الستينيات، أو لهوى إيراني استثمر وأثر منذ زمن، تخرج بين الفينة والأخرى للإساءة للسعودية أو الحنق من تصرفاتها، لافتًا إلى أن الإعلامي والصحافي المصري إبراهيم عيسى الذي كان يزدان مكتبه في صحيفة الدستور قديما بصورة لأيقونة تنظيم “حزب الله” حسن نصرالله الذراع الإيرانية في لبنان، كان أحد الأصوات الحانقة من دور القيادة السعودي للتحالف الإسلامي، معتبرا أن القيادة الإسلامية يجب أن تكون لمصر.

من جانبه، دعا عبدالله المزهر، في مقاله “مايصحش كده”، بجريدة مكة، إلى أن يستغل هؤلاء الإعلاميون وجودهم في التمرن على ضبط النفس وتحمل الاستفزاز، حتى تستعيد مصر قلب العروبة دورها صحيحا معافى وينبض بالحياة كما كان، مطالبا إياهم بعدم الندم بعد فوات الأوان، متعجبًا من طريقة تعبير الإعلاميين المصريين عن الإعجاب بوطنهم في توجيه الشتائم للآخرين حكومات وشعوبا وقبائل وأفرادا ومحاولة التقليل منها، مستنكرًا أن يكون هؤلاء الإعلاميون رموز مصر العظيمة التي كان من أعلامها في العلم والفن والأدب العقاد وطه حسين وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ومحمد عبدالوهاب وغيرهم من رموز كانت تستحق أن تقود العالم.

وأشار دكتور محمد عبدالله العوين، إلى أن الشرفاء من الشعب المصري والذي يُقدر تعداده بأكثر من 90 مليون مواطنً يعلمون ويقدرون ويثقون في نقاء وصدق ونبل منطلقات العلاقة العميقة بين الشعبين السعودي والمصري، ويدركون كل الإدراك الصلة الأخوية الطيبة بين البلدين التي لن يكدرها بعض من وصفهم *بـ”مرتزقة” الإعلام .

*

وأضاف العوين، في مقاله “الإعلام المصري المحتقن: إبراهيم عيسى نموذجًا”، بجريدة الجزيرة السعودية، أن تهمة التكفير التي يروج لها* إبراهيم عيسى مردودة عليه، مشيرًا إلى *أن مصر العظيمة بأزهرها وعروبتها ومبدعيها الكبار في كل مجال أرقى من أن تسيرها شتائم الموتورين وأضغاث أحلام المأزومين .

وأخيرًا، لفت حمود أبو طالب، في مقاله ” مصر والمملكة .. العلاقة المستهدفة”، إلى المؤتمر الذي عقده *سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة أحمد بن عبد العزيز قطان ، عقب زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأخيرة لمصر وعقد الاجتماع الثاني للجنة التنسيقية المصرية السعودية الذي تمخضت عنه قرارات مهمة وضخمة لدعم الاقتصاد المصري وبقية مجالات التعاون بين البلدين .

وأشار أبو طالب إلى أنه على الرغم من أن علاقات الدول ومصالحها المشتركة وأهدافها الاستراتيجية لا ترتهن أو تتأثر ببعض الهرطقات الإعلامية إلا أنه قد يحدث بعض التشويش على شريحة من المتلقين من أصحاب الميول والانتماءات الجاهزة لاستقبال مثل هذا الطرح الإعلامي السلبي الذي تجاوز كثيرا في بعض مفرداته ضد المملكة ومصر أيضا .